تأمل أخي المسلم وأختي المسلمة في قوله تعالى: {لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ}، قال ابن كثير: (فإذا كان الجبل في غلظته وقساوته لو فهم هذا القرآن، فتدبر ما فيه لخشع وتصدع من خوف الله عز وجل، فكيف يليق بكم يا أيها البشر أن لا تلين قلوبكم وتخشع وتتصدع من خشية الله، وقد فهمتم عن الله أمره وتدبرتم كتابه، ولهذا قال تعالى: {وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ}، قال العوفي عن ابن عباس في قوله تعالى: {لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا} إلى آخرها.. يقول: لو أني أنزلت هذا القرآن على جبل حملته إياه لتصدع وخشع من ثقله ومن خشية الله، فأمر الله الناس إذا نزل عليهم القرآن أن يأخذوه بالخشية الشديدة والتخشع)، ثم قال: (وهكذا هذه الآية الكريمة إذا كانت الجبال الصم لو سمعت كلام الله وفهمته لخشعت وتصدعت من خشيته، فكيف بكم وقد سمعتم وفهمتم).. فهل تأثرنا بالقرآن وظهر فينا أثر القرآن أم أن قلوبنا أشد وأقوى من الجبل؟ نعم الجبل عظيم وقوي، لكنه يتصدع ويتشقق عند سماعه القرآن لعظم القرآن، فهو كلام الله سبحانه وتعالى، قال السعدي: (ولما بين تعالى لعباده ما بين وأمر عباده ونهاهم في كتابه العزيز، كان هذا موجباً لأن يبادروا إلى ما دعاهم إليه وحثهم عليه، ولو كانوا في القسوة وصلابة القلوب كالجبال الرواسي، فإن هذا القرآن لو أنزل على جبل لرأيته خاشعاً متصدعاً من خشية الله؛ أي لكمال تأثيره في القلوب، فإن مواعظ القرآن أعظم المواعظ على الإطلاق)، لكن لقسوة قلوب بعضنا لا تتأثر بهذا القرآن، فتجده يسمع القرآن وهو عابث لاعب غافل أو متغافل عن هذا الكلام العظيم، فلا قلب يخشع ولا عين تدمع ولا أعضاء تخضع، فالقرآن لا أثر له في قلوب بعضنا، لا أثر في فعله، ولا في قوله.. فهل بعد ذلك نقول إنه أقوى من الجبل لأن الجبل يتأثر بهذا القرآن وقلوب بعضنا لا تتأثر والله المستعان.