ميزة أعياد الإسلام العظيم أنها فرحة دين ودنيا، وشكر لله تعالى على نعمه الظاهرة والباطنة، وحمد له لإعانته عبده المسلم وأمته المؤمنة على أداء العبادات، ومكافأة منه سبحانه على إتمام النسك والفرائض الحولية، وتوزيع لجوائزه القيمة وغنائمه المتتالية على عباده المطيعين، فلا حرمنا الله وإياكم منها دائماً وأبداً.
وبهذه المناسبة الدينية الجليلة يسعدني أن أوجه غزير التهاني وفيض التبريكات وسيل دعوات القبول لأمتنا الإسلامية جمعاء في شتى أقطار الأرض بعامة على إتمامهم موسم الحج الأكبر، وفي مقدمتهم أهل بلادنا الحبيبة، أعاده الله علينا جميعاً عوداً حميداً، بيد أني يشرفني أن أخص من يستحقون الخصوصية بتهنئة ممزوجة بعبق الروحانيات وعميق الود:
* أولى هذه التهاني: يستحقها منّا بلا أدنى ريب (ولاة أمر وطننا العزيز) وفي مقدمتهم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، وولي عهده القدير صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز وزير الدفاع والطيران؛ وذلك لإعانة المولى سبحانه على خدمة الحجيج خدمة جليلة، تصل إلى أعلى مرتبة القدرات البشرية التي تجتهد أن تفعل المستحيل لملايين البشر المتراصين في قطعة مباركة محدودة من الأرض، وهم متنوعو الأعمار ومتفاوتو الصحة والقوة والوعي، فأدام الله عزكم قادتنا وعز شعبكم، وحفظ لبلادنا نعمة خدمة الحرمين القدسيين وحجاجهما وزوارهما، وأدام وحدة بلادنا وتآلف شعبها، وأعانكم حق المعونة على خدمة دين الله بعامة، وتقريب أهل التقوى والصلاح والإفادة من نصحهم وولائهم ومحبتهم. وبالمناسبة لا ننسى نصيحة والد الجميع الحاني الودود الملك عبدالله حينما قال عبارته العميقة: (لا تبخلوا علينا بحسن مشورتكم)، فبلا شك أن مفهوم هذه المقولة هو أرقى درجات الديمقراطية وإعطاء الرأي الشعبي قيمته وتطبيقه على أرض الواقع، محاطاً بأطر الآية القرآنية الكريمة القائلة: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا}.
* التهنئة الأخرى: أتوجه بها مدعومة بالدعوات الخالصات لعلمائنا الأفاضل، علماء سنة رسول الهداية محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم، وملة توحيد الخالق العظيم الذي تعالى عن الند والشبيه والمثيل الواحد الأحد الذي لم يتخذ صاحبة ولا ولدا، فهؤلاء العلماء يستحقون منا جميعاً الإجلال والتكريم وحسن التقدير، فكل شعوب العالم ودولها ترفع من قدر رجال الدين لديها إلى حدّ التقديس وتجعلهم القمة في كل أمر، وتعود إليهم في كل رأي ديني أو دنيوي، بدءاً من حاخامات اليهود، وباباوات الصليبيين، ومرجعيات الفرس التي تحكم أفئدة أتباعها في داخل بلادها وخارجها.
فمن باب أولى أن يكون أهل السنة والجماعة كذلك - على أقل الأحوال - تجاه علمائهم المحتسبين المتواضعين، وفي مقدمتهم هيئة كبار العلماء الذين درسوا العلم الشرعي السلفي الذي يحقق صلاح الدنيا والآخرة، نخص منهم سماحة المفتي الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ، وفضيلة الدكتور صالح الفوزان، اللذين يتصديان لكل خطر عقائدي أو خطأ ديني، داخلياً وخارجياً، بالنصيحة وحسن المشورة والكلمة الطيبة المكتوبة والمسموعة، والحجة القوية والبرهان الثاقب، يليهما تلاميذهما القديرون العديدون أمثال: الدكتور محمد النجيمي والدكتور سعد البريك، الذين لا يألون جهداً في توجيه الناشئة وتثقيفهم الثقافة الإسلامية النافعة، وإرساء أسس الطمأنينة في نفوسهم، وتثبيت حب الوطن في قلوبهم وحسن الولاء لولاة أمرهم، متحملين في سبيل ذلك المشاق النفسية والجسدية، فجزاهم جميعهم عنا وعن بلادنا خير جزاء الدنيا والآخرة، وثبتنا وإياهم على ما يرضيه، ونصرهم على من يعارضهم أو يضع العراقيل في دروبهم، فلولا رحمة الله ثم جهودهم لانتشرت الأفكار الضالة في عقول شبابنا، ولولا جميل قدوتهم ما كانت نفوس الناشئة تقاوم عنفوان اندفاعاتها وتهورها.
موضوع: حولها ندندن تقبّل الله منكم ومنّا 
