لأسباب خاصة تأخرت إحدى الأسر عن القدوم للمملكة قبل الأسبوع الأول من الدراسة، ومع بداية الأسبوع الثاني ذهبت الطالبة إلى المدرسة فرحة مستبشرة ببدء العام الدراسي، راجعت الطالبة إدارة المدرسة لاستلام كتبها الدراسية، سألتها مديرة المدرسة أين كنتِ خلال الأسبوع الماضي؟ بينت الطالبة صراحة حيثيات تأخر أسرتها، ويبدو أن مديرة المدرسة لم تر في هذه الحيثيات مسوغاً نظامياً للغياب أسبوعاً كاملاً، فوجهت الطالبة أن تحضر تقريراً طبياً بكونها مريضة الأسبوع الذي تغيبت فيه عن الدراسة، فوجئت الطالبة بهذا الطلب، لاسيما وهي تعرف أنها لم تمرض الأسبوع الماضي، فمن أين تأتي بهذا التقرير وهي لم تراجع طبيباً؟ أبلغت الطالبة ولي أمرها بهذا فكاد يصعق لهذا الطلب، احتار كيف المخرج من هذه الكارثة الأخلاقية التربوية، استشار صديقاً له فدله إلى إجراء نظامي دون اللجوء إلى التحايل والكذب الذي وُجهت له الطالبة من مؤسسة يفترض أنها تحارب الكذب، وتربي الناشئة على كل الفضائل ومكارم الأخلاق.
بعد هذا الموقف هل تثق الطالبة أو أسرتها في هذه المدرسة؟ حتماً لا، هذه المدرسة التي توجه الطالبة إلى الكذب هل يؤمل فيها أن ترعى الصدق وتحث عليه؟ هل يطمأن لها راعية للخير والقيم والأخلاق الكريمة؟! إن إجراء مديرة المدرسة كارثة تربوية، يدل على أن هذه المدرسة تدور في دوائر من التعليمات المحددة التي لا مجال فيها لإعمال العقل في معالجة الأمور التي تخرج عن هذه الدوائر، إذ يبدو أن لدى إدارة المدرسة تعليمات بأن أي غياب لا يقبل إلا بتقرير طبي، وإلا كان بمقدور إدارة المدرسة أن تطلب من الطالبة صورة من جواز السفر للتأكد والتحقق من أن الطالبة وأسرتها لم تصل إلا مع نهاية الأسبوع الأول من الدراسة، وهذا مسوغ واضح جلي بإمكان إدارة المدرسة قبوله والتجاوز عن غياب الطالبة الأسبوع الأول بعذر، كما أنه بإمكان إدارة المدرسة حسم درجات من المواظبة عن ذلك الغياب دون اللجوء إلى توجيه الطالبة ودفعها إلى الكذب وتعود التحايل واستمرائه وتقبله لتبرير المواقف الخاطئة التي قد تكون كارثية فيما لو حصلت وغطيت بعباءة الكذب الذي يفضي إلى سلوكات أشد خطراً من الموقف الخاطئ نفسه.